ما هو كليف هانغر في علم النفس؟ ولماذا يجب أن تعرفه كل مهتم بعالم الأخصائيين النفسيين؟
- Fayrouz Soliman
- Apr 27
- 3 min read
سواء كنت طالبًا في مجال علم النفس أو شخصًا شغوفًا بفهم السلوك البشري، لا بد أنك لاحظت يومًا كيف تؤثر بعض المواقف أو القصص علينا بقوة لدرجة تجعلنا لا نستطيع التوقف عن التفكير فيها.
هذا التأثير النفسي العميق له تفسير، ويعرف بمصطلح "كليف هانغر" (Cliffhanger).

في هذا المقال، سنتعرف معًا على مفهوم كليف هانغر في علم النفس، وكيف يفيد الأخصائيين النفسيين والمهتمين بمجال العلاج السلوكي في فهم وتحفيز السلوك البشري.
ما هو الكليف هانغر في علم النفس؟
كليف هانغر في علم النفس ببساطة هو:
ترك القصة أو التجربة أو الحوار عند نقطة مشوقة أو غامضة تجعل الشخص في حالة ترقب داخلي شديد لمعرفة النهاية.
من الناحية النفسية، يرتبط الكليف هانغر بحاجة طبيعية لدى الإنسان، وهي الرغبة في إغلاق الدوائر الذهنية المفتوحة.
عندما يبدأ دماغك قصة أو فكرة ولا يكملها، يشعر بنوع من التوتر الإيجابي، مما يدفعك للبحث عن الإكمال أو الحل.
هذه الظاهرة تشبه ما يسميه علماء النفس "تأثير زيجارنيك"، حيث نميل إلى تذكر الأشياء غير المكتملة أكثر من المكتملة.
لماذا يهتم الأخصائيون النفسيون بمفهوم الكليف هانغر؟
فهم الكليف هانغر يمكن أن يكون أداة قوية في يد الأخصائي النفسي، للأسباب التالية:
تحفيز الدافعية: استخدام أسلوب التشويق قد يشجع المرضى على الاستمرار في جلسات العلاج أو في تطبيق التمارين النفسية.
بناء الارتباط: القصص أو الجلسات التي تُترك بنهاية مفتوحة تخلق رابطًا نفسيًا بين المعالج والمريض، وتعزز رغبة الأخير في العودة والمتابعة.
تعزيز التعلم والسلوك الإيجابي: التشويق يجعل المرضى أكثر انتباهًا واستعدادًا لاكتساب مهارات جديدة أو تغيير قناعاتهم تدريجيًا.
كيف يعمل كليف هانغر داخل العقل؟
علميًا، عندما نواجه موقفًا مشوقًا لم يحسم بعد:
يزداد نشاط مناطق معينة من الدماغ المرتبطة بالانتباه والتركيز.
يفرز الدوبامين، ناقل عصبي مسؤول عن الشعور بالتحفيز والرغبة.
تنشط آليات البحث عن الإغلاق، مما يدفع الشخص للبحث عن المعرفة أو إنهاء المهمة.
بمعنى آخر، الكليف هانغر لا يُشعل فقط فضولنا، بل يُحفز عقولنا لمواصلة التفكير والسعي.
أمثلة عملية للكليف هانغر في حياتنا اليومية
مسلسل ينتهي بموقف مصيري، فتجد نفسك تنتظر الحلقة التالية بفارغ الصبر.
جلسة علاج نفسي يتوقف فيها الأخصائي عن تقديم الحل مباشرة، ويدعك تتأمل وتفكر حتى الجلسة القادمة.
كتاب أو محاضرة علم نفس تنتهي بسؤال مفتوح: "ماذا لو كانت الإجابة ليست كما تظن؟ اكتشف المزيد في الجزء القادم!"
كيف يمكن للأخصائيين النفسيين استخدام كليف هانغر في الجلسات العلاجية بطريقة عملية؟
استخدام الكليف هانغر أثناء الجلسات النفسية يحتاج إلى حساسية ومهارة دقيقة، لأن الهدف ليس إثارة قلق المريض، بل تحفيز فضوله واهتمامه لمواصلة العمل العلاجي. إليك بعض الطرق العملية:
طرح أسئلة مفتوحة في نهاية الجلسة
بدلًا من إنهاء اللقاء بإجابات نهائية، يمكنك ترك المريض مع سؤال عميق للتفكير فيه مثل:
"ما الذي تعتقد أنه قد يتغير لو نظرت إلى هذا الموقف بطريقة مختلفة؟"
هذا النوع من الأسئلة يبقي ذهنه نشطًا حتى موعد الجلسة القادمة.
التوقف قبل الوصول إلى "التحليل النهائي"
عند مناقشة تجربة مؤثرة أو نمط سلوكي، يمكنك التوقف عند نقطة حاسمة ثم اقتراح استكمال التحليل لاحقًا، مما يبني حالة من الترقب الإيجابي لدى المريض.
استخدام "مهمات منزلية" مشوقة
بدلًا من إعطاء واجبات تقليدية، اجعل المهمة عبارة عن لغز بسيط أو تجربة سيكتشف نتيجتها بنفسه. مثل:
"في هذا الأسبوع، لاحظ موقفًا واحدًا تغير فيه شعورك فجأة… وسنتحدث عن السبب في الجلسة القادمة."
قصص علاجية غير مكتملة
استخدام القصص الرمزية أو حكايات العلاج بالقصص (Narrative Therapy) مع إبقاء النهاية مفتوحة يمكن أن يحفز المرضى لإيجاد استنتاجاتهم الخاصة.
الفرق بين كليف هانغر وعلم النفس المظلم:
علم النفس المظلم يشير إلى استخدام تقنيات خادعة أو manipulative للتأثير في الأشخاص بهدف تحقيق مصلحة شخصية، مثل التحكم العاطفي أو النفساني. في حين أن كليف هانغر يستخدم غالبًا في سياقات بناءة، حيث يهدف إلى تعزيز الاهتمام أو الدافعية بطريقة إيجابية.
المثال الجيد: في العلاج النفسي، يمكن استخدام الكليف هانغر عن طريق طرح أسئلة مفتوحة أو ترك مواقف غير مكتملة تشجع المرضى على التفكير والتفاعل بشكل أعمق في الموضوعات الشخصية التي يحتاجون للعمل عليها. هذا التحفيز المعرفي يمكن أن يكون مفيدًا جدًا في التحفيز الذاتي ودعم التطوير الشخصي.
المثال السيئ: استخدام الكليف هانغر في التلاعب العاطفي مع الأشخاص لتحقيق غايات خاصة مثل التأثير في قراراتهم بشكل غير أخلاقي يُعتبر جزءًا من علم النفس المظلم، وهذا يمكن أن يؤدي إلى سوء الفهم، التأثير الضار أو التلاعب بالمشاعر.
في الختام، كليف هانغر في علم النفس ليس مجرد أداة في الروايات أو المسلسلات، بل هو مفتاح لفهم كيف يعمل عقل الإنسان عند مواجهة النهايات المفتوحة. سواء كنت مهتمًا بفهم سلوك البشر، أو تطمح لأن تصبح أخصائيًا نفسيًا، فإن إتقان قراءة هذه الظواهر النفسية يمنحك رؤية أعمق وأكثر احترافية في التعامل مع العقل البشري.