الصحة النفسية في بيئة العمل: من الرفاهية إلى أداة للنجاح المؤسسي
- Fayrouz Soliman
- 2 days ago
- 5 min read
في السنوات الأخيرة، تصاعد الحديث عن أهمية الصحة النفسية في بيئة العمل بشكل غير مسبوق. فبعد أن كانت تعتبر رفاهية أو موضوعًا ثانويًا، أصبحت اليوم أحد أهم مؤشرات نجاح المؤسسات واستدامتها.العمل لم يعد مجرد أداء مهام يومية؛ بل تجربة إنسانية متكاملة تؤثر في النفس، وتشكل جزءًا من الهوية الشخصية للفرد.ومن هنا، بدأت المؤسسات تدرك أن الاهتمام بالنفسية لا يقل أهمية عن التدريب المهني أو الأداء الوظيفي. لكن، ما المقصود فعلًا بالصحة النفسية في بيئة العمل؟ ولماذا أصبحت ضرورة في كل مؤسسة ناجحة؟
ما هي الصحة النفسية في بيئة العمل؟
الصحة النفسية في بيئة العمل هي شعور الموظفين والعاملين بالرفاهية النفسية والعاطفية والاجتماعية، حيث أن هذا الشعور يجعلهم يحترمون أنفسهم والآخرين، ويقومون ببناء علاقات إيجابية مع زملاء العمل، كما أن يمنحهم القدرة على التعامل مع التحديات والمسؤوليات اليومية التي ينطوي عليها مكان العمل. كما أن تعتبر الصحة النفسية في بيئة العمل من مسؤولية مديري الموارد البشرية.
وتشمل الصحة النفسية في بيئة العمل:
الإحساس بالقيمة الذاتية والتقدير من الزملاء والإدارة.
القدرة على التواصل الإيجابي مع الفريق.
توافر بيئة عمل عادلة خالية من التنمر أو التمييز.
وجود دعم نفسي واضح في أوقات الأزمات.
وبذلك، إنها ليست مجرد شعور بالراحة، بل منظومة متكاملة من العلاقات والإدارة والسياسات تجعل الإنسان محور العمل.

العوامل المؤثرة على الصحة النفسية في بيئة العمل
تعتبر العوامل المؤثرة على صحة العاملين النفسية هي العوامل التي يواجهها الموظفون والتي تزيد من خطر الإجهاد المرتبط بالعمل ويمكن أن تؤدي إلى إصابتهم بأصرار نفسية عديدة ومنها:
1 - الاحتراق النفسي المهني
يعتبر واحد من أكثر الظواهر انتشارًا في بيئات العمل الحديثة، ولكنه لا يظهر من العدم، ولكن يكون تدريجيًا نتيجة لتراكم الضغوط، وتكرار الروتين والشعور بالعجز وعدم التقدير.
بالإضافة إلى ذلك، يشعر الموظف المصاب بالاحتراق النفسي - burnout بالفراغ الداخلي، حيث أ،ه يفقد الحماس للعمل، ويتراجع تركيزه وأدائه المهني.
من أبرز علامات الاحتراق النفسي
الإرهاق المستمر رغم الراحة أو الإجازة.
الانفصال العاطفي عن العمل أو الزملاء.
انخفاض الإحساس بالإنجاز الشخصي.
ويؤكد علماء النفس أن الوقاية تبدأ من إدراك الحدود الشخصية والتوازن بين العطاء والراحة، ومن ثقافة مؤسسية تشجع الموظف على الاعتراف بالتعب النفسي دون خوف أو وصم.أما على مستوى المؤسسات، فإن تدريب القادة على اكتشاف بوادر الاحتراق، وتوفير قنوات دعم نفسي فعالة، يُعدّ خطوة أساسية للحفاظ على طاقة الإنسان قبل أن تتحوّل إلى صمت وإرهاق داخلي.
وإذا كنت ترغب في فهم الاحتراق النفسي بشكل أعمق — أسبابه، مراحله، وتأثيره على الأفراد والمؤسسات — فستجد في هذا المقال تحليلًا شاملًا يساعدك على التعرّف إلى جذور الظاهرة وكيفية التعامل معها قبل أن تتفاقم.
اقرأ المقال الكامل هنا
2 - انخفاض التحكم في الوظائف
يعتبر اتخفاض التحكم التحم في الوظائف أحد أهم الضغوطات النفسية في بيئة العمل، وهو عدم القدرة على التحكم في جوانب العمل، والتي تشمل كيفية أو وقت إنجاز المهام، وعدم قدراتهم على المشاركة في القرارات التي تؤثر عليهم أو على عملائهم.
3 - متطلبات العمل
والتي تشمل ارتفاع او انخفاض متطلبات العمل حيث أن متطلبات العمل المرتفعة هي المهام التي تتطلب جهدًا بدنيًا عاليًا وعقليًا وعاطفيًا مرتفعًا بالمقارنة بالمتطلبات المنخفضة التي تحتاج إلى جهود منخفضة.
أمثلة على متطلبات العمل المرتفعة
زيادة ساعات العمل
اسناد اعمال ومهام تتجاوز قدرات الموظف وتدريبه
القيام بأعمال كثيرة مع عدد من كبير من العملاء
اسناد اعمال تحتاج إلى الكثير من الوقت والمطالبة بانجازها في وقت قصير
الجهود العاطفية للاستجابة للمواقف المؤلمة أو عند التعامل مع عملاء عدوانيين.
التعرض للأحداث المؤلمة أو العنف المرتبط بالعمل.
العمل في ظروف خطرة مثل الضوضاء أو المعدات الخطرة.
أما متطلبات العمل المنخفضة
قلة المهام المطلوبة
تكرار المهام الروتينية والتي تحتاج إلى مستويات منخفضة من معالجة الفكر التنوع
4 - قلة الدعم
يعتبر ضعف الدعم النفسي والمهني داخل بيئة العمل من أبرز العوامل التي تؤدي إلى الاضطرابات النفسية بين الموظفين.فحين لا يجد الفرد المساندة الكافية من زملائه أو مشرفيه، وتُترك العقبات دون حلول واضحة، يتزايد شعوره بالضغط والعجز.كما أن غياب التدريب المستمر والمعلومات الدقيقة اللازمة لتطوير الأداء، إلى جانب نقص الموارد والأدوات المطلوبة لإنجاز المهام، يخلق بيئة عمل مرهقة نفسيًا، تُضعف الحافز وتؤثر سلبًا على الإنتاجية والرضا المهني.
5 - سوء إدارة التغيير التنظيمي
يقصد بـ التغيير التنظيمي في أماكن العمل إدخال أنظمة أو تقنيات جديدة، أو نقل المهام والعمليات، أو تقليص حجم القوى العاملة أو إعادة هيكلتها. وغالبًا ما تتحول هذه الخطوات إلى مصدر توتر نفسي عندما تُدار بطريقة غير مدروسة، خصوصًا في حال تجاهلت الإدارة الآثار المحتملة على الصحة النفسية والسلامة المهنية والأداء العام. كما أن غياب التشاور مع الموظفين الأساسيين وعدم توفير الدعم الكافي لهم خلال مراحل التغيير يؤدي إلى مقاومة داخلية، وشعور بعدم الأمان الوظيفي، وفقدان الثقة في بيئة العمل.
6 - عدم وضوح الأدوار
من العوامل المؤثرة في الصحة النفسية في بيئة العمل في ينخفض وضوح الأدوار الوظيفية عندما يفتقر الموظفون إلى الفهم الكامل لمسؤولياتهم أو معايير الأداء المطلوبة منهم.
ويزداد الأمر تعقيدًا حين لا تتوافر لديهم المعلومات الأساسية التي تساعدهم على أداء مهامهم بكفاءة، ينخفض وضوح الأدوار الوظيفية عندما يفتقر الموظفون إلى الفهم الكامل لمسؤولياتهم أو معايير الأداء المطلوبة منهم.
ويزداد الأمر تعقيدًا حين لا تتوافر لديهم المعلومات الأساسية التي تساعدهم على أداء مهامهم بكفاءة،
طرق تعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل
يجب على كل أصحاب عمل او مديري الموارد البشرية تطبيق استراتيجات تعزيز الصحة المفسية للموظفين وذلك لخلق مكان عمل صحى وآمن لأجل زيادة الإنتاج والعمل.
1 - وضع إرشادات واضحة في مكان العمل للصحة والسلامة
ينبغي على أصحاب العمل والمؤسسات وضع وتنفيذ سياسات وممارسات واضحة في مجال الصحة والسلامة المهنية، وذلك لتحقيق بيئة عمل صحية ومتوازنة نفسيًا، تضمن حماية العاملين ودعم رفاههم النفسي. فتلك السياسات لا تقتصر على الإجراءات الوقائية فحسب، بل تسهم أيضًا في رصد المؤشرات المبكرة لمشكلات الصحة النفسية والتعامل معها بفاعلية، مما يعزز ثقافة الوعي والدعم داخل بيئة العمل قبل تفاقم الضغوط أو الأزمات.
2 - إنشاء برامج لمساعدة الموظفين
يجب على كل صاحب عمل توفير برامج واستراتيجيات لمساعدة الموظفين في التعامل مع المشكلات الشخصية التي يتعرض لها الموظفين ومن الممكن أن تؤثر على أداءهم لعملهم وتؤثر على صحتهم النفسية والجسدية.
3 - تدريب المشرفين والمديرين على الصحة النفسية
ينبغي على المؤسسات توفير برامج تدريب إداري متكاملة تتضمن مكونًا خاصًا بـ التدريب على الصحة النفسية في بيئة العمل،
بحيث يخضع له المشرفون والمديرون لتعزيز وعيهم بأهمية الدعم النفسي داخل فرقهم.
يساعد هذا النوع من التدريب القيادات على اكتساب المهارات والأدوات اللازمة للتعامل مع الضغوط، والتعرف المبكر على مؤشرات التوتر أو الإرهاق، إضافة إلى تطوير أساليب فعّالة لتعزيز الصحة النفسية للموظفين وخلق بيئة عمل داعمة وآمنة للجميع.
4 - خلق بيئة عمل إيجابية
تعتبر بيئة العمل الإيجابية من العوامل المؤثرة بشكل ايجابي على الصحة النفسية للموظفين، وذلك لأنها تقلل من الإجهاد المرتبط بالعمل الذي يتعرضون له، ومن الطرق التمن الممكن ان تساعد في بناء بيئة عمل ايجابية
الاعتراف بجهود العاملين والموظفين ومكافأتهم.
القيامبالتدريب المهني والتطوير الوظيفي لكل موظف.
مشاركة الموظفين وتحفيزهم على بناء علاقات مهنية قوية.
مساعدة الموظفين على الموازنة بين حياتهم الخاصة وعملهم، من خلال تقديم جداول زمنية مرنة، وعدم تكليفهم بأي مهام خارج ساعات العمل.
تشجيع الموظفين على المساهمة بالأفكار وتقديم التعليقات والمشاركة في عمليات صنع القرار المتعلقة بعملهم.
ما هي فوائد تعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل
يوجد العديد من الفوائد التي قد يستفاد منها الموظفين والشركات عند خلق بيئة عمل إيجابية لتعزز من الصحة النفسية في بيئة العمل ومنها:
انخفاض معدلات تغيب الموظفين عن العمل
زيادة الاحتفاظ بالمواهب والموظفين المميزين، بالإضافة إلى تعزيز ولائهم للعمل.
زيادة معدلات الأنتاج.
تسليم المهام المطلوبة بأعلى جودة.
تحسين القدرة على التعاطف مع العملاء
تشجيع الموظفين للمشاركة في أعمال وقرارات الشركة
دبلومات مهنية لدعم موظفيك
في عالم العمل الحديث، أصبح الاهتمام بالصحة النفسية للموظفين أحد أهم عناصر النجاح المؤسسي. ولأن كل منظمة تحتاج إلى كوادر واعية نفسيًا وقادرة على فهم ديناميات السلوك البشري، تقدم كلية نوتنج هيل البريطانية برنامجًا مهنيًا متميزًا هو دبلوم علم النفس والصحة النفسية.
تعرف اكثر على دبلوم علم النفس والصحة النفسية
يهدف هذا الدبلوم إلى إعداد المتخصصين والمديرين لفهم العوامل النفسية المؤثرة في بيئة العمل، وتطبيق استراتيجيات فعّالة لدعم التوازن النفسي، وتحسين التواصل، وإدارة الضغوط المهنية.
من خلال دراسة تطبيقية معتمدة من المملكة المتحدة، يتعلم المشاركون كيف يصبحون أكثر وعيًا بذواتهم، وأكثر قدرة على دعم فرقهم — ليتحول مكان العمل إلى بيئة صحية، منتجة، وإنسانية في آنٍ واحد.
لأن دعم الموظف نفسيًا ليس رفاهية… بل هو بداية كل نجاح حقيقي.
سجل الآن في دبلوم علم النفس والصحة النفسية


