ظاهرة الديجافو.. لماذا نشعر بأننا عشنا الموقف سابقًا
- Fayrouz Soliman
- Mar 18
- 4 min read
Updated: Mar 20

جميعنا شعرنا بهذه الظاهرة في فترة ما في حياتنا…. تعتبر ظاهرة الديجافو من أكثر الظواهر النفسية غموضًا وإثارة للدهشة، حيث يشعر الإنسان بأنه قد عاش الموقف الذي يمر به حاليًا من قبل، بالرغم من تأكيده بأن الموقف يحدث لأول مرة. ولكن هذا الشعور يتكرر مع الكثير من الأشخاص، مما يدفعهم للتساؤل: هل هو مجرد ذاكرة زائفة. أم أنه يحمل تفسيرًا علميًا معقدًا. لذلك في هذا المقال ستكتشف معًا الأسباب المحتملة لهذه الظاهرة، ونناقش التفسيرات العلمية والنفسية التي حاولت تفسير ظاهرة الديجافو.
ما هي ظاهرة الديجافو؟
كلمة ديجافو (Déjà vu) هي كلمة فرنسية تعني شوهد من قبل، حيث يعتقد الشخص تكرار حدوث موقف معين أو مشهد ما. بالرغم من أنه لم يسبق حدوثه مطلقًا. مثل الكثير منا يشعر بأنه قد سبق له رؤية مكان يزوره لأول مرة أو يتهيأ برؤية شخص معين من قبل ولكنه يراه لأول مرة.
وفقًا استطلاعات الرأي المختلفة، أثبت أن ظاهرة الديجافو هي ظاهرة منتشرة، ويقرب من ثلثي الأشخاص هذا الشعور الغريب.ومع ذلك، وبالرغم من شيوع ظاهرة الديجافو، فقد ثبت أنها ظاهرة يصعب تحديدها؛ فلا يمكنك ببساطة وضع شخص ما في جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي وانتظار حدوث نوبة، فقد يبقى هناك لأسابيع. ومع عدم التوصل إلى إجابة قاطعة حتى الآن، إلا أن هناك مجموعة من النظريات التي تتأرجح بين علمي النفس والأعصاب.
التفسير النفسي للديجافو
تعتبر الديجافو من أنواع الخلل الإدراكي، حيث أن يحدث عدم تطابق بين الإحساس بالحاضر والذكريات المخزنة. كما أن بعض النظريات تشير إلى أنها نتيجة لتشابه بين موقف جديد وتجربة سابقة غير مدركة بوعي، مما يجعل العقل يعتقد خطأ أ، الحدث متكرر.
التفسير العصبي للديجافو
يرتبط حدوث الديجافو بالطريقة التي يخزن بها العقل الذاكرة. فهناك منطقة في الفص الصدغي (Temporal Lobe) مسؤولة عن معالجة الذكريات البصرية ومدخلات الحواس، وتحديدًا في جزء متخصص في الكشف عن الألفة والاعتياد. كما يلعب الهيبوكامبوس (Hippocampus) دورًا مهمًا في تسجيل الذكريات، وأي خلل في هذا الجزء قد يؤدي إلى إحساس زائف بتكرار الحدث.
إضافة إلى ذلك، هناك علاقة بين اللوزة الدماغية (Amygdala) والاستجابة العاطفية، مما قد يفسر لماذا يكون الديجافو أحيانًا مصحوبًا بمشاعر قوية مثل الخوف أو الدهشة.
ما هي أنواع ظاهرة الديجافو ؟
ظاهرة الديجافو ليست نوعًا واحدًا، ولكنها تنقسم إلى عدة أنواع وفقًا للسياق الذي تحدث فيه، ومنها:
ديجافو déjà vu (شوهد من قبل): وهو النوع الأكثر شيوعًا، حيث يشعر الشخص بأنه قد شاهد أو عاش موقفًا معينًا سابقًا، رغم أنه متأكد من أنه يحدث لأول مرة.
ديجافيكو déjà vécu (عُيش من قبل): في هذا النوع، لا يقتصر الشعور على رؤية المشهد فقط، بل يمتد إلى الشعور بتفاصيل إضافية مثل الأصوات والروائح وحتى العواطف التي يشعر بها الشخص، مما يجعله يظن أنه قد مر بنفس التجربة تمامًا في الماضي.
ديجاسون déjà senti (أُحسّ من قبل): يتعلق هذا النوع بالمشاعر والأحاسيس الداخلية، حيث يشعر الشخص بأنه قد اختبر نفس الشعور أو الإحساس من قبل، لكنه لا يستطيع ربطه بموقف محدد في الماضي.
ديجا فيزيت déjà visité (تمت زيارته من قبل): يحدث هذا النوع عندما يزور شخص مكانًا لأول مرة، لكنه يشعر بأنه مألوف جدًا وكأنه قد زاره سابقًا، رغم أنه يعلم أنه لم يذهب إليه من قبل.
أين تحدث ظاهرة الديجافو في العقل
يرتبط حدوث الديجافو كيف يخزن العقل الذاكرة في الدماغ، حيث أن يحدث تخزين الذاكرة في الفص الصدغي بالدماغ والذي يعرف باسم (Temporal Lobe). وهو الجزء الخاص بالذكريات البصرية ومعالجة المدخلات الحسية، وتحديدًا في جزء خاص من الفص الصدغي المتخصص في الكشف عن الألفة والاعتياد.
علاقة الديجافو والأمراض والاضطرابات النفسية
من المتعارف عليه أن ظاهرة الديجافو هي تجربة طبيعية وشائعة، ولكن في بعض الأحيان تكون مؤشرًا على بعض الأمراض والاضطرابات النفسية والعصبية، وذلك لأنه الديجافو مرتبطة بوظائف الدماغ والذاكرة.
1 - الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب
اشارت بعض الدراسات أن الأشخاص الذي يعانون من القلق المزمن أو الاكتئاب قد يتعرضون ظاهرة الديجافو بنسبة أعلى ، كما أن من الممكن أن تحدث هذه الحالة بسبب طريقة تخزين الذكريات ومعالجتها. كما أن بعض الحالات المتعلقة بظاهرة الديجافو من الممكن أن تحدث نتيجة تشويش في الإدراك الحسي نتيجة للإجهاد النفسي.
2 - اضطرابات النوم مثل الأرق وانقطاع النفس أثناء النوم
الأشخاص الذين يعانون من الأرق واضطرابات النوم العميق مثل sleep apnea قد يكونون أكثر عرضة للشعور بـ ظاهرة الديجافو بسبب اضطرابات في تخزين الذكريات قصيرة المدى. كما أن قلة النوم تؤثر بشكل ملحوظ على الوظائف الادراكية للمخ، والتي تشمل الذاكرة والوعي لذلك تزيد من حدوث ظاهرة الديجافو.
3 - استخدام بعض الأدوية و المنشطات العصبية
هناك بعض الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب والمنشطات العصبية، قد تؤدي إلى تغييرات في الذاكرة والوعي، مما يزيد من احتمالية الشعور بالديجافو. في بعض الحالات، قد تكون هذه الظاهرة نتيجة تأثيرات جانبية لبعض الأدوية التي تؤثر على الناقلات العصبية في الدماغ.
4 - دور الفص الصدغي و اللوزة الدماغية
الفص الصدغي (Temporal Lobe) هو المسؤول عن الذكريات طويلة الأمد والتعرف على المشاهد المألوفة، وأي اضطراب في نشاطه قد يؤدي إلى الشعور بالديجافو. أما اللوزة الدماغية (Amygdala) مسؤولة عن الاستجابة العاطفية، وقد تفسر لماذا يكون الديجافو أحيانًا مصحوبًا بمشاعر غامضة مثل الخوف أو الإثارة.
متى تكون الديجافو مصدر قلق نفسي؟
إذا كانت الديجافو تحدث بشكل متكررًا أو مفرط أو مرتبطًا بأعراض أخرى مثل القلق، الأوهام، أو الهلاوس، فقد يكون من المفيد استشارة مختص نفسي أو عصبي لاستبعاد وجود اضطرابات كامنة مثل الصرع أو اضطرابات الذاكرة.
الفرق بين الديجافو والظواهر المشابهة
هناك بعض الظواهر المشابهة التي قد تختلط على البعض:
جامي فو (Jamais Vu - لم يُشاهد من قبل): حيث يشعر الشخص بأن شيئًا مألوفًا يبدو غريبًا أو غير مألوف فجأة.
بريسك فو (Presque Vu - على وشك التذكر): الإحساس بأنك على وشك تذكر شيء معين ولكن لا تستطيع استرجاعه.
في الختام، ظاهرة الديجافو تبقى واحدة من أكثر الظواهر النفسية والعصبية غموضًا وإثارةً للتساؤلات. وعلى الرغم من التفسيرات العلمية التي تربطها بوظائف الدماغ والذاكرة، إلا أنها لا تزال تحمل جانبًا من الغموض الذي لم يتم كشفه بالكامل. وبينما يمكن اعتبارها تجربة طبيعية لدى معظم الأشخاص، فقد تكون أحيانًا مؤشرًا على اضطرابات عصبية أو نفسية تحتاج إلى متابعة.
Comments